س.م.بغداد/

أولا : الثوابت والخطوط العامة

بين دستور الجمهورية الاسلامية  الموريتانية  الصادر في يوليو 1991  المعدل في 2017,2012,2006 الثوابت القانونية لرسم ملامح السياسة الخارجية للبلاد عبر ديباجته ومواده(30، 35، 36، 80) وفق الاتي :

1- تحدد ديباجة الدستور الموريتاني التوجهات العامة للسياسة الخارجية، مفهوم كون الشعب الموريتاني ” اعتبارا منه لقيمه الروحية واشعاعه الحضاري ، تمسكه بالدين الاسلامي الحنيف وبمبادئ الديمقراطية الوارد تحديدها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 1948 والميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب الصادر بتاريخ 28 يونيو 1981 وفي الاتفاقيات الدولية التي وافقت عليها موريتانيا”…هو

” شعب مسلم عربي إفريقي يعلن تصميمه على السعي من أجل تحقيق وحدة المغرب العربي الكبير والأمة العربية وإفريقيا ومن أجل السلم في العالم”. هذا ماقد برر ان الجمهورية الاسلامية الموريتانية عضوا فعالا في جامعة الدول العربية  وعضو مؤسس لمنظمات دولية كالاتحاد الافريقي ومن قبلها منظمة الوحدة الافريقية، ومنظمة المؤتمر الاسلامي التي اصبحت منظمة التعاون الاسلامي وكذلك لمنظمات اقليمية كاتحاد المغرب العربي الكبير ومنظمة استثمار نهر السنغال .

2- أما المادة( 30) من الدستور فتنصرف إلى تحديث ثوابت تطبيق السياسة الخارجية الموريتانية ومن المسؤول عنها: “يحدد رئيس الجمهورية السياسة الخارجية للأمة وسياستها الدفاعية والأمنية ويسهر على تطبيقها”.

3- وإستكمالا للرؤية الدستورية لرسم السياسة الخارجية الموريتانية تحدد المادتين (35و36) من الدستور رسم هذه السياسة الخارجية، والتمثيل الدبلوماسي الذي يعتبر ضمن إختصاصات رئيس الجمهورية حيث “يعتمد رئيس الجمهورية السفراء والمبعوثين فوق العادة إلى الدول الأجنبية ، ويعتمد لديه السفراء والمبعوثون فوق العادة “( المادة 35) ،و” يمضي رئيس الجمهورية المعاهدات ويصدقها”(المادة 36).

4- للمعاهدات والاتفاقيات المصدقة او الموافق عليها سلطة اعلى من سلطة القانون. هذا ماتفصله المادة( 80 ) من الدستور: ” للمعاهدات اوالاتفاقيات المصدقة او الموافق عليها كذلك ،سلطة أعلى من سلطة القوانين وذلك فور نشرها شريطة أن يطبق الطرف الثاني المعاهدة أو الاتفاقية”.

ثانيا: المسار التطبيقي للسياسة الخارجية الموريتانية في اطاره العام.

من المسلمات أنه بعد انتخابات يونيو2019 وفي ظروف دولية إستثنائية وضمن منطقة إستثنائية ،شهدت الكثير من الأحداث (الربيع العربي ومانتج عنه من إضطرابات في دول شقيقة ، الوضع في سوريا ،نفوذ منظمات إسلامية متطرفة في الساحل، التدخل الفرنسي الإفريقي في مالي … إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالأمن والسلم الدوليين) فكان أمام السياسة الخارجية الموريتانية أن تشرع في تحقيق أهدافها في خضم تلك المصاعب.وهنا نود أن ندرج تلك الأهداف الرئيسة وفق تدرجها، والعمل المرتبط بظروف تلك المرحلة على النحو الاتي:

1- انتهجت الجمهورية الاسلامية الموريتانية سياسة خارجية عبر انفتاحها على العالم بهدف ضمان عودة البلاد إلى وضعها الطبيعي ومكانتها المرموقة في المجتمع الدولي. فقد سارت السياسة الخارجية لتحقيق ذلك الهـــــــــــــــــدف باتجاهين متزامنين :

أولا بتوسيع دائرة التمثيل الدبلوماسي .

 إن هذا الإنفتاح الدبلوماسي لموريتانيا يؤكد توجهاتها السلمية ،ويعبرعن إرادة واضحة بالمشاركة الفعالة بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ويأتي حرصا من السلطات العليا في البلد على تأسيس علاقات دبلوماسية متوازنة مع المجتمع الدولي شرقا وغربا .

وثانيا تنمية وتدعيم علاقات حسن الجوار مع البلدان الشقيقة.

2- تاتي مسيرة السياسة الخارجية للجمهورية الاسلامية الموريتانية ضمن مسار زمني يشهد تحولات أساسية في المنطقة والعالم وهي بمجملها تمثل تحديا إضافيا لاستحقاقات السياسة الخارجية الموريتانية وأهدافها ومن أهمها موجة الثورات العربية.

 فقد حرصت الجمهورية الاسلامية الموريتانية عبر دبلوماسية هادئة وفعالة على الوقوف بمسافة واحدة من جميع أطراف التغيير.

3- ومن المنجزات المهمة أيضا للسياسة الخارجية الموريتانية في هذه المرحلة:

ففي الإطار العام نلاحظ إنتقال الجمهورية الاسلامية الموريتانية من مرحلة مراقب للاحداث إلى مرحلة الفعل تمهيدا للعب دور أوسع في رسم المعادلات السياسة في المنطقة عموما. لقد ترأست موريتانيا الأتحاد الافريقي في 2014 وكان لرئيس الجمهورية الدور الكبير في رئاسة عدة قمم جمعت القارة الافريقية بشركائها في الخارج ( قمة اوربا /افريقيا – بروكسل / ابريل 2014 ، قمة امريكيا/ افريقيا -واشنطن /اغسطس 2014 ،قمة تركيا / افريقيا -مالابو نوفمبر 2014 ) كما كان لموريتانيا الدور الفعال في انشاء مجموعة “الدول الخمس في الساحل ” لمحاربة الارهاب / فبراير 2014 والتي ستترأسها في شهر يونيو 2020 خلال قمة نواكشوط المزمع عقدها ، واحتضانها العديد من القمم الدولية والمؤتمرات ورئاستها للاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية .

إن السياسة الخارجية الموريتانية اليوم تشكل عاملا رئيسيا في تحقيق الازدهار الاقتصادي للبلاد عبر المسهامة الفاعلة بإستقدام وتشجيع الإستثمارات الأجنبية بانشاء” منطقة انواذيبو الحرة” وترشيد موارد البلد ومحاربة الفساد.  كانت قمة لندن الاستثمارية  الأفريقية البريطانية في يوم 20 من  الشهر الجاري والتي شارك فيها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني دليل  واضح على  مصداقية البلد واقتصاده الواعد .لأول مرة تتم دعوة  رئيس موريتاني لحضور قمة في بريطانيا .كل هذا سيؤسس إنطلاقة اقتصادية تجعل حضور موريتانيا في الاقتصاد الدولي فعالا لما تمتلكه من موارد طبيعية وموارد أولية تؤهلها لذلك الدور ، وهذا أيضا يمثل جانبا آخر لانتصار الدبلوماسية الموريتانية، مع تأكيد الصعوبات المحيطة إقليميا ودوليا.